اللهب المقدس

مرحبا بك معنا حللت أهلا وسهلا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

اللهب المقدس

مرحبا بك معنا حللت أهلا وسهلا

اللهب المقدس

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
اللهب المقدس

تربوي أدبي ثقافي


    واجع الغياب

    بوجدع عبد العزيز
    بوجدع عبد العزيز


    عدد المساهمات : 89
    تاريخ التسجيل : 20/12/2010

    واجع الغياب Empty واجع الغياب

    مُساهمة  بوجدع عبد العزيز الخميس سبتمبر 08, 2011 3:09 am

    مواجع الغياب

    ــ ما يزال أخونا الأصغر يلهج باسمك ..ما يزال يسأل أمّيَ الثّكلى عن وقت عودتك إلى البيت لتلعب معه بسيارنه الّتي لا يحسن تشغيل أزرارها ، فيغضب ويقذفها بقدمه الصّغيرة النّاعمة .. وقد يبكي أحيانا .. فكنّا نغرق معه في البكاء ، ونحاول أن نخفي الدّمع عن بعضنا .. آه .. ما أقسى فقدك أيّها الأخ الّذي ارتحلت عنّا إلى الرّفيق الأعلى في ذلك الحادث المروريّ المأساويّ ..!! .
    تمتلكني الآن قشعريرة ، وتلوح في داخلي لوعة حارقة كلّما مررت وحيدة بمكان ذلك الحادث المؤلم في طريقي إلى مؤسستنا التربوية .. .
    كنت رفيقي في معظم أوقات ذهابي وإيابي .. لم يعد يرافقني الآن إلاّ طيفك الجميل ، ولم أعد أرى في فضاء الذّهاب والإياب ، وفي فناء المؤسسة وزواياها غير تقاسيم وجهك الطّفوليّ الوديع وطلعتك الهادئة .. .
    ليس من شيء أحبّ إليّ الآن من استحضار طيفك الملائكيّ .. لقد غدا هذا الأمر دأبي وعادتي في ليلي ونهاري .. وليس من شيء أبغض إليّ الآن من مروري بذلك المكان الّذي أُزهقت فيه روحك الجميلة بسبب طيش ذلك الشّاب الأرعن الّذي كان يقود سيارة والده الفخمة بسرعة جنونية ، وصوت موسيقى صاخبة مزعجة ينبعث منها .. .
    كنت أسير خلفك بمسافة قصيرة ونحن نعبر الشّارع من ممرّ الرّاجلين حينما صدمتك تلك السّيّارة الرّعناء ، فحلّق جسمك الطّريّ في الهواء ثمّ سقط مرتطما بالرّصيف !.. هنا على هذه البلاطات جرى دمك غزيرا وشخصت عيناك نحوي .. ربّما عاينت وأحسست حينها مدى حبّي لك أيّها الأخ الحبيب .. .
    أعلم وأنت ترفع يدك نحوي أنّك أردت أن تودّعني وأن تهدّئ من روعي .. أنت الّذي عشت بيننا هادئا ، ورحلت هادئا رغم عنف الصّدمة وشدّتها .. .
    لم يُقدّر لك في ذلك الصّباح الخريفيّ الدّفئ أن تسمع عزف النّشيد الوطنيّ الّذي يبثّ على مسامعنا بالمؤسّسة في كلّ صباح .. كأنّك كت تحثّ الخطى عبر ممرّ الرّاجلين لتهرب من الموسيقى الصّاخبة المنبعثة من السّيّارة الرّعناء لتلوذ بواحة المعاني النّبيلة ورياض الّلحن السّاحر المثير الّذي يزدان به نشيدنا الوطنيّ .. .
    كثيرا ما أراك الآن في أحلامي الّتي اختُزلت فيك وأنت تردّد هذا النّشيد في زوايا الدّار وفنائها ..وكثيرا ما يطلب منّي أبي أن أروي له تفاصيل هذه الأحلام فتجتمع إلينا أمّي ثمّ أخونا الأصغر ليصغوا إلى ما نسجته لياليّ من هذه الأحلام .. الكلّ ينصت في اهتمام ممزوج بحزن دفين حتّى أنّ العيون تفيض بالدّمع السّخين.. .
    حتّى الأخ الأصغر كان ـ فيما يبدو ـ يستمع بذات اهتمام وحزن الوالدين .. أمّا عيناه الّلتان تشبهان عينيك تماما فكانتا تكتفيان بالتّحديق فينا وحوالينا وكأنّهما تريدان الظّفر بك بيننا لتشاركه الّلعب بسيارتهالّتي هجرهاأخيرا .. حينها كنت أحدّق في وجهه الحائر فأرى فيه كلّ تقاسيم وجهك الغائب .. ولا يلبث طيفك أن يمثل أمامي فأضمّك وأخانا الصّغير ، وأراني أحلّق بكما فكأّنّي أريد أن أحميكما من هذه الحياة، ومن الممات معا.. !!
    .





      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 2:13 am