آلام الجلجلة

خطاك بظهر البيد كالجرح يشخب...ودربك برق قد تمدّد خُلّب
وأفق على مرمى حنينك والدجى...يراود فيك الحلم ليلا ويرغب
وتنأى بك الأحلام والعمر سارب...إلى أبد الآباد ترنو وتدأب
ويحدوك همس الرّيح يهمي نشيده...فتلفيك مثل الودق هتّان يُسكب
زلال إذا وافيت لكنّما المدى...رمال يغيض الماء فيها ويهرب
فلا هذه البيداء بلّت بك الصّدى...ولا هذه الآفاق يا غيث تعشب
ملأت كؤوس الحبّ معتّقة الهوى...ورحت تنادي الحيّ: يا قوم اشربوا
عصرت لكم من كرم روحي لذيذة...وألهيت قلب الليل فالليل أصهب
وغازلت طيف الحسن حتّى سبيته...وتيّمت منه القلب فانصاع يطلب
فذاك صباح الحيّ تعتعه الهوى...وذاك المساء الغرّ سكران يطرب
وإنّ حمام الإيك ألقى جناحه...صباحا فوجه الصبح سرب مؤوّب
وإنّ حنايا الحلم اهتزّ ربعها...وإنّ مراح الحبّ والشّوق معشب
رتعتم بأرض المحل دهرا فقد أتى...شتاء به تنمو الغلال ونحلب
وبتّم وأفق البيد يستفّ رملها...ألا لاحت الواحات غنّاء تعجب
هناك بواح الحلم غنّت حمائمي...ورفّ الهديل العذب فالواح أعذب
به يُستطاب الليل تفعمه الصّبا...وتصفو سماء الوصل والصّبح يرقب
أنا في ربى الأشواق ناخت مراكبي...ومازلت يا آفاق أنضو وأركب
أراود حلما أو ألمّ شتاته...أرمّم أطلال الوصال أرتّب
تعرّش في نبض الفؤاد قصائدي...فتورق أرباع الكلام وتخصب
وأشرب نخب القول شعشعه الهوى...فيسمو بيَ السّكر الجميل ويذهب
وتجتمع الأطياف حولي وديعة...ويرتاح عندي من رحيله مغرب
ضربت خيامي كي ينيخ بها الهوى...فهل تنزل الرّكبان فيها وتضرب ؟
وهل تنتحي الأفواج بيت مآدبي...فتُكرم بالحبّ المعتّق يعرب ؟
لكنّك يا حلم بين جوانحي...موار به إنّي غدوت أُعذّب !
تلوح بصدري في الظّلام مشاعلي...وأرسل ضوئي في الفيافي وأسهب
فما تظهر الآفاق إلاّ ملوّحا...يودّع حلمي ثمّ ينأى ويهرب
فألفيتني من بعد حلميَ واقفا...هناك بأطلال بها البوم تنعب
أؤبّن حلمي كالوليد فقدته...فآه لحلم في فؤاديَ يُصلب !!