ــ صريف الريشة ــ
النّاس فــــي صمم فمــــــاذا نكتـــبب ** يا ريشتي ، وحديــثـنا لا يجذبولمن نغنّـــي والمســـــامع فجّــــــة ** وعلى شفاهنا كلّ حرف يُصلب؟
يا حرف عذرا إن صُلبت على فمي ** أو نلت طعنا فالشّهادة مطــــلب
كلّ السّهام إذا برزت خصيـــــــــــمة ** فلأيّ أرض يا مشرّد نهـــــــرب
ولدتك في ليل المسامــــع ريــــشتـــي ** همســــا رقيـــــقا والمجالس تصخب
فمن المصيــــــــخ إذا غزلت وقد نأت ** وتنكّـــرت لجميـــل صوتك زينب؟
ما أضيع الهمـــس الجميـــل إذا استوى ** واستعجمته يا حروفي يعرب ؟
يا ريشة ألقى الجنـــــــــاح بها هنـــــا ** بين الحروف تزقّهـــا ، وتهذّب
وتداعب منّــــي الأنامل علّــــــــــنــي ** أهفـــو إلى الكلمــــات أو أتأهّب
فقدت جنـــــاحها في شتاء عـــــاصف ** فهوت تعــــابثها الرّيـــاح وتصرب
ألقت بهــــا في راحتـــــــيّ حزيــــنة ** فتمسّـــــت بأنـــاملــــــــــي تتقرّب
عطشــــــــــى تدانت من دواتي علّهــا ** تُروي بهــــا الظّمأ الشّديــــد وتشرب
مــــا في الدّواة وإن فحصــــت حثــالة ** قد بتّ أرسمك بهـــــا وأرتّـــب
إنّــــي رسمتك في جنــــاح حمــــامــة ** بيضـــأء تلهــــو في السّماء وتلعب
وعلــــى جنــــاح النّسر حلّـــق في العلا ** وعلى الطّواويــــس ازدهت تتحبّب
وعلــــى السّهــــام رمــى بها متحفّــــز ** في الحرب تخترق النّحــــور وتشخب
ورسمتــــك وقد احتــــوتك أنـــامـــل ** حدبت علـــى وتر فأبدع مــطــرب
ورسمـــتـك بيــن الحســـان مراوحــــا ** زهراء تمـــرح في الأكــفّ وتدأب
يــا بنت هـــاتيك الحيــاة فمـا الّــذي ** ألقــى بك عندي..وحــولــي غيــهــب؟
وأنـــا مهيـــض لا جنــاح يرفّ لــي ** وسهـــاميَ انكســرت ، وعــودي يندُب
قد كنــت فــي فُسح الحيـــاة طليـــــقة ** حدّاك شـــرق يحتويـــك ومغـــرب
فَلِم اتّــــــخذت من جواري منــــزلا ** والرّيــــــح تلطم منزلـــــي وتخرّب؟
فأنــــا وأنت الآن خفــــقة مهـــــــجة ** رمـــق الحيـــاة بهــا خفيـــت مُتعَب
عـــودي إلــى طرف الجنــاح وصفّـقي ** أو حلّــــقي فالأفق صدر أرحــب
عــودي..فمــا خيــر الحيـــاة إذا غدت ** كلــمــا علــى ورق يضمّه مكتب ؟
قـــالت وقد غمر الفــؤاد حديــثهـــــــا ** كالغيـــث يوغـل في التّراب ويعشب:
قســمــا بمن خلــق اليراع بحولــــــه ** وغذاه من لــبن الدّواة ســأخــصـب
إنّـــي وأوراق الـــرّبيـــــع أوانـــس ** نهــوى أنـــاملك إذا مـــا تحــــدب
ويهـــزّنـــي ويهزّهـــنّ حديــــثــــك ** ونروم قربك إن غدوت تشــبّــــب
يـــا ليــت يبقــى الودّ يجمع شمـــلـنـا ** ونصـــون أمشـــاج المداد ونُنجب
ونخلّــــق الكلم الجميــــل فإنّـــنـــــــا ** للنّـــسل أمّ يــــا مُعنّـــــــى والأب
قلـــت ، وقد أجرى حديـــثها في دمـي ** طربــا ، وريـــشة كلّ طيــر تطرب:
يـــا ريـــشتـــي إنّ الفـــؤاد دواتــــك ** هيـــت لـــك..يـــا ريشتـــاه..سنكتب